Popular Post

فلسفة الحياة


تغلب علينا مشاعرنا أحيانًا وتجعلنا ننظر إلى هذه الحياة بتشاؤم كبير، وهذا التشاؤم، إما يعمل على الإضرار بنا، أو يجعلنا أقوى، لكن في أغلب الأحيان يحطمنا، ويجعلنا كالزجاج المكسور المتناثر الذي يصبح من الصعب تجميع شتاته، وتبدأ مشاعر الحزن والفراغ الداخلي تسيطر علينا، وتنقلب كل المفاهيم ويغيب المنطق ويصبح الموت وسيلة للنجاة بالنسبة لنا.
 تأملنا في الكون يذهلنا، وعندما تنظر إليه تبدأ تقارن المكانة التي تتمتع بها أنت كإنسان يعيش في نقطة زرقاء باهتة تكاد تنعدم رؤيتها إن ابتعدت عنها، مع هذا الكون الشاسع العظيم . ستجد أنك تكاد تمثل لا شيء. فعمر هذا الكون العظيم يقدر تقريبا بـأكثر من 13 مليار سنة، ولو قمنا بوضع عمر الكون في شريط فيديو، فحياتك كلها لن تكون، إلا مجرد ومضة خاطفة من هذا الشريط بأكمله، هل حقًا نحن نقدر هذه الومضة الخاطفة، هل حقا نحن نعرف قيمة هذه الحياة.
عليك أن تدرك جيدًا أن الحياة لن تتوقف عندك، الكون لم يخلق لأجلك، أنت لا شيء مقارنة معه، لماذا تحاول جاهدًا أن تجعل نفسك مركز هذا الكون، لماذا تحاول تدمير نفسك وتحطيم نفسك بهذه الأفكار الغبية التي ستواصل تدميرك وتحطيمك حتى تبدأ ترى في الموت السبيل الوحيد للنجاة، عليك أن تدرك جيدًا أن الحياة مستمرة، سواء أعجبك الأمر أم لا، سواء ضحكت أم بكيت، فلماذا تحمل نفسك أشياء أنت تعلم علم اليقين أنها لن تفيدك في شيء؟ بل ستجعل المعاناة عنوانًا عريضًا لشريط حياتك القصير، وبهذا ستصبح خاضعًا للواقع القاسي الذي نحاول – كلنا – أن نهرب منه، فهناك شيء أنت تعلمه في داخلك مسبقًا، وتحاول الهرب منه باستمرار، فأنت تعلم أن هذا الواقع القاسي سيجعلك تركع على ركبتيك، وسيبقيك خاضعًا له على الدوام، إن سمحت له أنت بذلك. فلا شيء يوجد في هذا الكون يشبه قسوة الواقع. دعك من الواقع، لا تحاول أبدًا أن تربط نفسك به، حرر نفسك، عش حرًا، لا تخف من الشك ولا تحاول أبدًا أن تخاف من السؤال، كن صادقًا مع نفسك، و لا تحاول أن تقوم بتقليد الآخرين، كن أنت، لا تكن هم، و لا تكن ما يريدون منك أن تكون، عش حياتك كما تريد، لا تندم على أي شيء قمت به، ولا تأسف على أي شيء فعلته؛ لأنه في وقت ما كان ذلك الشيء الذي قمت به هو تمامًا ما ترغب في فعله، وإن ضللت طريقك يومًا ما، فهذا لا يعني أنك ضللت طريقك للأبد، وإن فشلت يومًا ما، فهذا لا يعني أنك ستبقى فاشلًا طوال حياتك. والأهم من كل هذا هو أنه عليك أن تعرف جيدًا أن الخطأ ليس نهاية الطريق، بل هو بداية تعلم شيء ما ستصححه في المستقبل، وفي الحقيقة نحن كلنا معرضون للخطأ؛ لأننا كبشر، فنحن لسنا ﻣﺜﺎﻟﻴﻴﻦ، ولن نصل للمثالية والكمال مهما حاولنا، كلماتي هذه ليست دعوة للخطأ، بل دعوة واقعية كي لا تجعل الخطأ يحطمك ويحبطك عن تحقيق أحلامك، فالحياة قصيرة جدًا، لذلك عليك أن لا تضيعها في هذا الهراء الذي لن يفيدك في شيء، إن عيبنا الوحيد هو أننا نبحث عن المثالية في كل شيء، فالإنسان بتكبره يظن أنه شيء عظيم، ويبدأ يحاول جاهدًا أن يجعلك من نفسه وسيطًا للإله على هذه الأرض … نعم فهذه هي طبيعة الإنسان.
مهما خذلتك الظروف، فلا تحاول أبدًا أن تنظر الى الواقع، بل انظر للحياة نظرة أمل، أنظر كم أنت محظوظ لأنك
موجود، فهناك من لم يحظ بفرصتك، واليوم الذي ستبدأ بالنظر بعين التفاؤل إلى هذا الوجود، سترى أن الجمال شائع في كل ذراته. وتذكر أن الهدف من حياتنا ستحدده حكمتنا وشجاعتنا، فلا معنى محدد للحياة، بل الحياة هي أن تعطي لحياتك معنى، وأن تصبح شخصًا يضرب به المثل في كل الأرجاء، لا تدع الموت يقطع صلتك بالحياة، اترك شيئًا ما في الحياة؛ لكي لا ينساك الآخرون، واترك كتابًا أو قصيدة ما؛ ليقرأها أحفادك … فهذه هي فلسفة الحياة.

- Copyright © jonathan cosmo - Date A Live - Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -